اول كتاب يروي تاريخ المخابرات البريطانية الرسمي القذافي أشرس زعيم واجهته الإستخبارات
إحتل الزعيم الليبي معمر القذافي موقعاً بارزاً في كتاب “حماية المملكة” لمؤلفه كريستوفر أندرو الذي نزل الأسواق امس الاثنين، ويعتبر أول كتاب يروي التاريخ الرسمي لجهاز الاستخبارات البريطاني الداخلي “إم آي 5”.
ويقول مؤلف الكتاب ان القذافي، كان الزعيم الأشرس الذي واجهه “ام اي 5” في تاريخه، بسبب سلسلة نشاطات تجسسية وعمليات تم تنفيذها على الأراضي البريطانية تفوق في عددها وخطورتها نشاطات أي حاكم عربي آخر أو أي دول عربية أخرى، بما في ذلك الرئيس العراقي السابق صدام حسين، الذي لم يقصّر هو أيضاً في عمليات القتل والاغتيالات التي نفذها ضد معارضيه على الأراضي البريطانية.
ويضيف ان كشف الحكومة البريطانية في وقت سابق من العام الحالي، عن ملف خاص يتعلق بمحاولة اغتيال ليبية تم إفشالها عام 1978 على يد الاستخبارات البريطانية ضد سفير ليبيا لدى بريطانيا محمود المغربي، كانت فاتحة “النشاطات الإرهابية” الليبية في بريطانيا.
ونقلت جريدة “الراي” الكويتية عن مؤلف الكتاب قوله: لم يقتصر نظام القذافي على تلك العملية، حيث تلتها في ما بعد سلسلة طويلة من الأنشطة وعمليات القتل التي أزعجت السلطات البريطانية ولطخت سمعة أجهزة الأمن، التي لم تنجح في الكشف عن المخططات الليبية قبل وقوعها، مثلما نجحت في الكشف عن محاولة اغتيال المغربي.
ويروي اندرو في كتاب “حماية المملكة”، كيف أمر القذافي بتصفية عدد من المعارضين الليبيين جسدياً، ومنهم محمد رمضان، الذي أردي قتيلاً بالرصاص أمام مسجد ريجنت بارك في أبريل عام 1980، وتم القبض على رجلين يحملان الجنسية الليبية عقب الحادث، غير أن ذلك لم يمنع وقوع عملية اغتيال أخرى لمعارض ليبي آخر بعد أسبوعين هو المحامي محمود أبو نافع الذي قتل في مكتبه في حي كنزنغتون في لندن.
ووفقاً لأندرو، في الثمانينات أعتبرت أجهزة الأمن البريطانية، القذافي بأنه الزعيم “الأشرس” الذي واجهته في تاريخها، وقال: “الجانب الأشرس فيه تجلى بتصميمه على اصطياد منتقديه الذين لجأوا إلى الخارج”.
من ضمن المعلومات التي كشف عنها الكتاب، أن “المكتب الشعبي الليبي” في لندن كان يملك مسحوقاً ساماً جاهزاً للاستخدام لاغتيال المعارضين. وذكر أن مواطنا ليبيا يدعى حسني سعد فرحات، كان أول قاتل ليبي استخدم المسحوق المخدر ضد معارضين ليبيين كانوا مقيمين في مدينة بورتسماوث.
وقال ان جهاز الاستخبارات البريطاني كان “مدركاً لنشاطات فرحات، لكنه لم ينتبه إلى أن فرج شعبان كشودا وزوجته البريطانية هيذر كلير كان على قائمة المعارضين المهاجرين للقذافي، رغم عدم انتمائه لأي تنظيم معارض بعينه”.
ونجح فرحات في التعرف على كشودا وزوجته وزارهما في منزلهما وعرض أثناء الزيارة أن يقوم هو بإعداد إبريق من القهوة في المطبخ، الأمر الذي أثار شكوك أصحاب المنزل. مع ذلك لم تنتبه العائلة إلى هدية قدّمها فرحات أثناء الزيارة وهي كيس صغير من الفستق. ليتبين لاحقاً أن أطفال العائلة الذين تناولوا الفستق أصيبوا بحالات تسمم شديدة “ألحقت أضراراً بأجهزتهم العصبية وتساقط شعرهم، وبأعجوبة تم إنقاذ حياتهم”.
وتابع أندرو أن عملية قتل الشرطية البريطانية إيفون فلتشر عام 1984 برصاص قناص من داخل السفارة الليبية في لندن، تمت بأوامر من القذافي، إذ جرت اتصالات بين السفارة وليبيا استفسر فيها العاملون في السفارة عن كيفية مواجهة مظاهرة نظمها المعارضون للقذافي أمام السفارة.
ففي هذه الاتصالات عرضت السفارة طريقتين لمواجهة الإضراب، الأولى بأن يخرج العاملون في السفارة ويشتبكوا بالأيدي مع المتظاهرين، أو أن يقوم العاملين بإطلاق الرصاص عليهم من داخل السفارة، فكانت النتيجة أن تمت الموافقة من فوق على الطريقة الثانية، التي أدت إلى مقتل الشرطية.
واضافة إلى هذه القائمة، أقض القذافي مضاجع المسؤولين السياسيين والأمنيين البريطانيين لسنوات طويلة بسبب الدعم المادي والعسكري الذي قدمه لتنظيم “الجيش الجمهوري الإيرلندي” الذي كان ينشط على الساحة البريطانية، بهدف انفصال إقليم إيرلندا الشمالية عن بريطانيا.
كانت صحيفة “الاندبندنت” البريطانية نشرت الاثنين ما وصفته بوثائق تاريخية سرية تشير إلى أن الحكومة البريطانية عرضت على الزعيم الليبي معمر القذافي 14 مليون جنيه استرليني مقابل توقفه عن دعم الجيش الجمهوري الايرلندي.
وأوضحت الصحيفة أن العرض كان ضمن اتفاقية تشمل تحفيز التجارة مع ليبيا في مرحلة نهاية السبعينات من القرن الماضي. وأضافت أن العرض البريطاني جاء ضمن رسالة بعث بها رئيس الوزراء في حينها هارولد ويلسون للزعيم الليبي ، الأمر الذي أثار تساؤلات حول ما إذا دفعت بريطانيا لليبيا أي مبالغ في هذا الإطار.
يذكر أن الجيش الجمهوري الايرلندي شن إبان ما أطلق عليه الاضطرابات التي دامت 30 عاما بين الكاثوليك والبروتستانت في أيرلندا الشمالية عددا من الهجمات الكبرى بالقنابل استخدم فيها متفجرات “سيمتكس” يزعم أن ليبيا زودته بها.
وترفض ليبيا مطالب أسر ضحايا بريطانيين لعمليات الجيش الجمهوري الإيرلندي بدفع تعويضات لهم ، حيث أن الأسر تطالب بالتعويض استنادا إلى ما يعتقد أنه تمويل ليبي للجيش الجمهوري الأيرلندي، مما مكنه من الحصول على المتفجرات التي استخدمت في هجماته.