لانها لاترغب بالتورط اكثر في الصراع .. المملكة تقصف بحذر
البيضاء برس – رويترز
ردت المملكة العربية السعودية، التي تشعر بقلق بالغ من انعدام الاستقرار في اليمن، بشكل فوري على متمردين يمنيين انتهكوا حدودها، لكنها ستحاول تجنب التورط بشكل أكبر في الصراع باليمن.
ولم تشن السعودية عملا عسكريا من جانب واحد خارج حدودها في العقود الاخيرة إلا نادرا، حيث تفضل حشد النفوذ الاقليمي.
وأفادت تقارير بأن الطائرات والمدفعية السعودية قصفت لليوم الثالث على التوالي منطقة جبل الدخان في اطار جهود لطرد متمردين تسللوا عبر الحدود اليمنية السعودية التي لم ترسم بعد.
وقالت وكالة الانباء السعودية «العمليات ستستمر لحين اكتمال تطهير كافة المواقع داخل الأراضي السعودية من أي عنصر معاد، مع اتخاذ التدابير اللازمة للحد من تكرار ذلك مستقبلا».
ونفت الحكومة اليمنية تقارير أوردها المتمردون الحوثيون جاء فيها أن الغارات الجوية السعودية أصابت أهدافا داخل اليمن.
وقال مصطفى العاني، وهو محلل أمني في مركز الخليج للابحاث ومقره دبي، إن توغل الحوثيين في جبل الدخان «خط أحمر» سعودي، لكنه استبعد اي تدخل للسعودية في اليمن. (يسيطر الحوثيون على معبرين أمنيين). وأضاف أن المملكة لا تنوي التورط فعليا والتدخل في الحرب الاهلية باليمن. ولا يزال السعوديون يتذكرون الحرب الأهلية المريرة التي شهدها اليمن بعد الاطاحة بالامام الزيدي عام 1962.
ليست «مرتعاً سهلاً»
وقالت جيني هيل، وهي كاتبة بريطانية مهتمة بشؤون اليمن، إن الغارات الجوية السعودية الهدف منها هو استعراض القوة كي توضح لليمن والحوثيين والمنطقة أن الحدود ليست «مرتعا سهلا».
وأضافت أن الغارات تعكس أيضا قلقا في السعودية ودول عربية أخرى – والغرب – من تعدد الازمات في اليمن.
وتابعت «مسار الازمات مثير للقلق ليس فقط بسبب القتال في الشمال اليمني، وإنما أيضا بسبب الازمة الاقتصادية والحركة الانفصالية في الجنوب وبسبب تنظيم القاعدة، والاعتقاد أن الحكومة اليمنية قد لا تتمكن من الامساك بزمام الامور».
السياج الأمني الضخم.. وتفادي حرب طويلة الأمد
وقد اندمج جناحا تنظيم القاعدة في السعودية واليمن العام الحالي تحت لواء جماعة واحدة تستخدم منطقة الحدود نفسها حتى يتسلل منها متطرفون. وتبني الحكومة السعودية سياجا أمنيا تستخدم فيه تقنية متقدمة على طول الحدود مع اليمن التي تمتد 1500 كيلومتر والتي تمثل نقطة عبور لمهربي البضائع والمخدرات والمهاجرين لاسباب اقتصادية.. لكن استكمال بناء السياج لا يزال أمامه الكثير.
وقال دبلوماسي عربي في الرياض «سيتحتم على السعودية نشر فرقة عسكرية على طول الحدود لحين الانتهاء من بناء السياج». وأضاف أن السعوديين ربما يرون في الغارات الجوية عملية سريعة وفعالة، لكنهم يواجهون خطر هجمات حدودية يشنها عليهم الحوثيون، أو حتى الدخول في حرب ميليشيات طويلة الامد.
وقد يؤدي هذا إلى تنامي توترات في السعودية (المنطقة الشرقية). وأشار الدبلوماسي العربي إلى أن السعودية لن تتهاون مع أي اتجاه للانشقاق بين الشيعة فيها أو الاقلية الاسماعيلية في جنوبها.
واتفق المحللون على أن الصراع الحدودي من غير المرجح أن يكون له أي تأثير على منشآت النفط البعيدة. ويقر السعوديون بشكل غير رسمي بأن السياج الحدودي «لن يمنع تسلل الاشخاص إلى الاراضي السعودية وإنما فقط السيارات».
عمليات كر وفر واحتكاك
ورأى مصدر حكومي «سيكون هناك فرار من الاضطرابات في اليمن إلى المملكة.. وتشير التطورات الاخيرة إلى أن الحوثيين سيشنون عمليات كر وفر واحتكاك قد تؤدي إلى عمليات داخل الاراضي السعودية». وقال المصدر إن السياسة السعودية في الوقت الحالي هي سياسة احتواء، حيث يشير حجم الانتشار العسكري إلى حضور في المنطقة على المدى المتوسط أو البعيد.
والسعودية هي أكبر مانح مساعدات لليمن، لكن دعمها المالي قد لا يكون كافيا لمنع جارها الفقير من الانزلاق إلى فوضى خطيرة. وقال ديفيد بيندر من مجموعة يوروآسيا الاستشارية «تساعد السعودية الحكومة اليمنية في قتالها ضد الحوثيين، لكنها لا تزال بعيدة من الناحية الرسمية».
وأضاف «مشاكل اليمن لا تعد ولا تحصى. وما لم يكن السعوديون يريدون بالفعل تكريس موارد مالية وعسكرية ضخمة – وهو ما لم يفعلوه – فلا يمكنهم توقع تحسن المسار السلبي للاوضاع في اليمن».
ويشعر الكثير من اليمنيين بالاحباط من وعود الحكومة لهم بانتهاء الحرب مع الحوثيين قريبا. وقال عبدالغني الايراني، وهو محلل سياسي يمني مستقل، إن السعوديين قلقون وربما يشعرون بأنهم يتعرضون للخداع.. وربما هذا ما دفعهم في نهاية المطاف إلى اتخاذ اجراء حتى لا تلجأ صنعاء الى عذر عدم امتلاكها للقوة اللازمة لسحق التمرد.