الاتصالات مع علي محسن متسمرة والمبادرة الخليجية قاسم وعودة الرئيس ورعـايته للحوار قضية اساسـية
كشف الدكتور احمد عبيد بن دغر الامين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام عن تواصل مستمر بين قيادة الدولة واللواء علي محسن صالح..وقال: ان الاتصالات مع علي محسن لم تنقطع سواءً مع الرئيس عندما كان في صنعاء أو مع نائب الرئيس حالياً.. مشيراً الى ان التواصل مع علي محسن يأتي وفقاً لما تقتضيه المصلحة الوطنية..ولفت الى ان علي محسن كان وسيطاً في اللقاء الذي جمع الاخ المناضل عبدربه منصور هادي نائب رئيس الجمهورية نائب رئيس المؤتمر بقيادات المشترك منتصف الشهر الماضي..وأشار بن دغر الى ان العلاقات اليمنية-السعودية المتجذرة تقوم على أساس الاحترام المتبادل وتنطلق من معطيات وقواسم مشتركة وحرص على مصلحة البلدين. مشيداً بجهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده واهتمامهم الكبير باستضافة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية وكبار مسئولي الدولة للعلاج في المملكة..تفاصيل في سياق الحوار التالي :
ما تقييمكم للعلاقات السعودية- اليمنية، وخاصة في المرحلة الراهنة؟
– هي علاقات أخوة جذورها عميقة قادمة من أعماق التاريخ، ومعطيات الجغرافيا والدين، والقيم المشتركة، وهي علاقات احترام متبادل، واعتراف متبادل بالمصالح العليا للبلدين، وهي بذات الوقت علاقات حميمية بين القيادتين السياسيتين ممثلة في فخامة الأخ علي عبدالله صالح، رئيس الجمهورية، وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين، والنائب الثاني- حفظهم الله جميعاً.. وقد تبدت هذه العلاقات الإنسانية في اهتمام جلالته باستضافة الأخ الرئيس، وبعض من قادة اليمن الذين أصيبوا في الاعتداء الإجرامي على الرئيس يوم الجمعة 3 يونيو ، واستمرار تواصله مع النائب للاطمئنان على الأوضاع في اليمن، وحرص جلالته على تهدئة الأوضاع، واحترام اتفاق وقف إطلاق النار، وهذا الحرص الإنساني يلقى في اليمن التقدير والاحترام، وربما لاحظتم أن الجماهير قد رفعت صور جلالته تلقائياً في بعض المناسبات، ورددوا بعض الهتافات لتحيته والتعبير عن محبته..
إلى أين وصلت التحقيقات بحادثة الاعتداء الإجرامي الذي استهدف الرئيس بمسجد النهدين؟
– جهات التحقيق فقط هي التي يمكنها الإجابة على سؤال كهذا.. لكن أعرف أنها قد عاينت المكان، وتحفظت على بعض الأشياء وربما الأشخاص.. وهي تدرس كل الاحتمالات والفرضيات، ولا علم لي بأكثر من ذلك.
اعتــداء على الرئيس
من الجهة التي تقف وراء هذا الاعتداء؟
– أصحح فقط عبارتكم، هو اعتداء على الرئيس في المسجد، وهو اعتداء على قيادات بارزة في الدولة، كما أنه أيضاً اعتداء على ضباط أمن وجنود.. ومواطنين هناك 13 شهيداً، و185 جريحاً في الحادث، وإصابات بعض الزملاء من القادة وغيرهم بليغة.. هذا حادث إجرامي بكل ما في الكلمة من معنى، وإذا عرفنا أنه استهدف رأس الدولة، عرفنا أنه كان حادثاً جللاً واعتداءً غاشماً. أما فيما يتعلق بالجهة التي تقف وراء الاعتداء الغاشم هذا فهناك تحقيق محلي يجري في هذا الشأن، وهناك استعانة ببعض الأصدقاء الذين يمتلكون إمكانات وخبرات أفضل، ونتوقع أن تظهر النتائج الأولية قريباً.. وفي قيادة المؤتمر نحن طالبنا جهات التحقيق الإعلان الفوري عن النتائج كما هي، وتقديم الحقيقة، كل الحقيقة، للشعب اليمني، وللعالم بأسره دون إبطاء.
التحقيق مستمر
تنوعت السيناريوهات وهناك من يتحدث عن انفجار من الداخل، وليس قذيفة، ماذا وقع بالفعل داخل مسجد النهدين؟
– حتى الآن جهات التحقيق لم تدلِ بمعلومات يمكن الاعتماد عليها.. وحقيقة ما جرى مازال في إطار التحقيق والبحث.. وما تتحدث عنه مازال في إطار التسريبات الإعلامية، وهذه لا يمكن البناء عليها في حادث مهم كهذا.. واحدة من الفرضيات المحتملة ستكون هي الحقيقة، والحقيقة فقط هي التي نريد معرفتها .
اللقاء مع المشترك
كيف تقيمون لقاء نائب الرئيس بالمعارضة، ونتائج الاجتماع؟
– كانت مبادرة طيبة من الإخوة في المشترك أن يطلبوا اللقاء بالنائب، كان الوسيط هو علي محسن قائد الفرقة الأولى مدرع.. والقريب على المعارضة ، وقد رحب النائب بالمبادرة من شعور عالٍ بالمسؤولية الوطنية في الظرف الراهن، فالبلاد مسؤولية الجميع، وكنا في حاجة إلى هذا النوع من المبادرة قبل ذلك، قبل أن يقع الفأس في الرأس، ولكن مازال هناك وقت للتفاهم والاتفاق، وحتى الوفاق. جاء الأخوان في المشترك وفي تقديرهم أمر واحد، هو البدء فوراً بحوار سياسي، وهو أمر لم نكن نرفضه نحن في المؤتمر، ولا هو أمر مرفوض من الأخ النائب.. لكن الأولوية كانت لدينا للأمن، وقد حددنا المعنى من ذلك، لقد طالبناهم بالمساعدة على تثبيت وقف إطلاق النار مع أبناء الشيخ الأحمر.. بل ووقف إطلاق النار حيثما وجد، وإخراج العناصر المسلحة من العاصمة، وتسليم المؤسسات للجهات الأمنية، وفتح الطرق لمرور البترول والغاز للمواطنين، وعدم الاعتداء على الكهرباء.. فنحن نعتقد بأن عناصرهم بإرادتهم أو بدونها تشارك في كل هذه العمليات.. أو على الأقل شركائهم كما يقولون.. وتناقشنا لأكثر من ساعة.. وخرجنا بالبلاغ الصحفي الذي أذيع.. وكان ملخصه تهدئة أمنية، وتهدئة إعلامية، كخطوة على طريق البدء بالعملية السياسية، وكان ذلك الاتفاق مرضياً لنا ولهم.
غضب مما حدث
هم يعرفون أن أي قرار سياسي إنما تتخذه القيادة السياسية، والقيادة السياسية عندنا هي الرئيس أولاً.. وفي غيابه لا يبدو مطلب البدء الفوري بالشؤون السياسية منطقياً، وأكثر من ذلك هناك ثمانية من قادة الدولة قادة المؤتمر مصابون إصابات بعضها بليغة.. والجرح مازال غائراً.. والتحقيقات لم تصل بعد إلى نتيجة وبعض النفوس مازالت مشحونة بالغضب مما حدث للأخ الرئيس، والتهدئة كانت ضرورية.. ويبدو أنهم قد تفهموا موقفنا، ومبدئياً على استمرار التواصل، وقد نجتمع معهم قريباً، وربما بمبادرة من المؤتمر، أو بناءً على أفكار كان يناقشها معنا جميعاً مندوب الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمرو، خلال الفترة الماضية وقد ذهب إلى الرياض وأفكاره تلقى الترحيب.
نتمسك بالمبادرة
هل شمل الاتفاق المبادرة الخليجية، خاصة وأنكم والمعارضة قد وافقتم عليها الشهر الماضي؟
– نحن في المؤتمر لم نسقط ولن نسقط المبادرة الخليجية من حسابنا أبداً، في الحقيقة هذه المبادرة تمثل القاسم المشترك بيننا وبين الأخوة في المعارضة في المرحلة الراهنة، لقد حرص الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي على الوصول باليمن إلى بر الأمان، ومدخلنا إلى الاستقرار والخروج من الأزمة هي المبادرة الخليجية.. أعتقد أن كل طرف يفهم ماذا تعني له المبادرة.. وعندنا اتفاق عليها نحن في المؤتمر وندرك أنها الإطار المناسب للخروج من الأزمة، خصوصاً وأن المبادئ الرئيسة للمبادرة تحافظ على وحدة وأمن واستقرار اليمن، وان كل الحلول لابد أن تؤدي إلى هذه النتيجة، بما فيها عملية الانتقال السلمي للسلطة. المهم هو حسن النية والابتعاد عن الإثارة، ومحاولة تقليد الآخرين في معالجة الأزمة في اليمن، فاليمن لها خصوصيتها، وخصوصيتها هذه تفرض على كل القوى السياسية البحث عن حلول يمنية، تنبع من واقع اليمن، لا تقلد الآخرين.. قد جرب الأخوة في المعارضة وسائل مختلفة للوصول إلى السلطة، وعليهم أن يجربوا الحلول التي تفضي إلى الانتخابات وهذا هو مربط الفرس في الاتفاقية من وجهة نظرنا.. من وجهة نظرهم، مربط الفرس استقالة الرئيس عند بعضهم، ولا يهم بعد ذلك أين تذهب البلاد، هذا فرق أساسي في تفكيرنا وتقديرنا للأمور، ونظرتهم هم للمبادرة.
المطلوب حوار مباشر
من خلال لقائكم بالمعارضة هل هناك حلول للخروج من الأزمة؟
– بالنسبة لنا في المؤتمر نعتبر أن التعامل مع المبادرة الخليجية بايجابية وبعيداً عن المناورة يكفي لتوفير أرضية مناسبة للحلول.. كل الحلول يجب أن تمر عبر المبادرة الخليجية، حتى يظهر الجميع جديتهم في التعامل مع الأزمة بعناصرها المختلفة.. الأمنية منها والسياسية.. وهي تحظى بدعم دولي، بالإضافة إلى أنها تعبر عن رأي الأشقاء في السعودية ودول الخليج، وهو موقف نحن قبلناه ومخاوفنا كانت فقط حول آلية تنفيذ الاتفاقية، وكان لدينا دائماً اعتقاد أن المدد الزمنية في المبادرة غير كافية، وأنتم تلاحظون- على سبيل المثال- أن بعض البلدان يستغرق تشكيل الحكومة شهوراً، وليس أسبوعاً.. فكيف بالانتخابات التي عادة تحتاج إلى سنة على الأقل، ومع ذلك نحن وافقنا على المبادرة وملتزمون بها نصاً وروحاً.. لكن تطبيقها يحتاج إلى حوار، وحوار مباشر وحوار دون شروط، وأيضاً حوار مع الكل، أعني مع كل القوى الحاضرة سياسياً وأمنياً على الواقع، مهما كانت درجة الخلاف بينها. وعلى وجه التحديد المشترك وشركائه.
نرفض تجاهل الحادث
هناك من يتحدث أن اجتماعكم بالمعارضة جاء بعد ضغوطات مورست عليكم للتصالح مع المعارضة.. ماصحة ذلك ؟
– المعارضة طلبت هذا اللقاء ونحن رحبنا به على الفور، واستمعنا إليهم واستمعوا إلينا، وليتهم فعلوا ذلك قبل شهور ربما كانت الأمور أفضل في اليمن. الحوار بالنسبة لنا قضية مسلم بها، وعندما قبلنا باللقاء مع الأخوة في المشترك انطلقنا من هذا الموقف الذي لم يتغير، وهو أن الحوار هو الطريق الأمثل لحل المشكلات.. وليس استجابة لضغوطات. علماً بأننا نتشاور مع أشقائنا في المملكة، ودول الخليج باستمرار حول الأوضاع الراهنة ونتبادل معهم الآراء، وكثيراً ما اتفقت وجهات نظرنا مع تصوراتهم حول أمور مهمة، والمبادرة الخليجية هي أحد هذه التصورات. للأسف ما يضغط علينا وعليهم الآن هو عامل الوقت، ولأن الوضع مفتوح على كل الاحتمالات.. كما أن عودة الرئيس، ورعايته للحوار قضية أساسية بالنسبة لنا في المؤتمر، وجماهيرنا ترفض تجاهل الحادث وكأن شيئاً لم يحدث.
توقيع الرئيس
ما موقف الرئيس من هذا الاتفاق ؟
– الرئيس هو رئيس المؤتمر الشعبي العام، وعندما وقعنا كمندوبين للمؤتمر على المبادرة كان ذلك بحضور الرئيس، ولولا أن المعارضة رفضت الحضور عند التوقيع لكان الرئيس هو الآخر قد وقع، كان حضور المعارضة ضرورياً إذ كيف يمكن للاتفاق أن يأخذ مجراه الطبيعي، والمعارضة مازالت على موقف خصومة مع الأخ الرئيس، ومع المؤتمر، ثم كيف سنعمل في حكومة واحدة بعد التوقيع إذا لم نبدِ مع بعضنا البعض قدراً من التسامح.. وبعد ذلك أمام من سيؤدي رئيس الحكومة الجديدة اليمين الدستورية، ورئيسها من المعارضة إذا لم يكن هناك قدر معقول من التعامل الأخوي على الأقل. المهم المعارضة رفضت الحضور والرئيس رفض التوقيع، وكان معه ألف حق. على الأقل حق أدبي وربما أخوي على المعارضة.. لكننا عدنا وتدارسنا الأمر بعد ذلك ووجد الأخ الرئيس بأن الوطن أهم من المراسيم والبروتوكولات، وبدعوة من فخامته اجتمعنا يوم الجمعة يوم الاعتداء على الرئيس وصحبه الساعة الحادية عشرة ظهراً قبل صلاة الجمعة، وقرر الرئيس التوقيع على المبادرة بحضور المعارضة أو بدونها. وتم تحديد يوم الثلاثاء 7 يونيو (أي بعد ثلاثة أيام) الساعة العاشرة صباحاً موعداً للتوقيع، وبعد الاجتماع تحرك الأخ الرئيس إلى المسجد للصلاة مع قادة الدولة، وحدث ما حدث.
الشعب مع المؤتمر
كيف تنظرون للمرحلة القادمة خاصة وان المعارضة والمحتجين يطالبون النائب، بفترة انتقالية ؟
– لقد جربت المعارضة كل وسائل الضغط على النظام وحاولت بقدر ما استطاعت استمالة الجماهير إلى صفها. لكن الناس كانوا أوفياء مع الرئيس، ومع المؤتمر، وقد تبدى وفاؤهم في ميدان السبعين في الحشود المليونية على مدى خمسة أشهر متتالية، وهي حشود كان لها الفضل الأول بعد الله في وقف التدهور، وحتى تعديل موازين القوى الاجتماعية لصالح المؤتمر. لقد دفعت المعارضة بالشباب للاعتداء على الجنود، وعلى المؤسسات، ودعتهم إلى التمرد، كل ذلك جربته المعارضة، وأكثر من ذلك استخدمت كل شيء ممكن لإسقاط النظام، بما في ذلك التحالف مع الحوثيين، وتلقي مساعدات أجنبية، لم تترك وسيلة إلا واستخدمتها وهم يعترفون بمعظم ما قلته، ولكن بصيغ وعبارات مختلفة، وكانت بعض القنوات تدعمهم. وأخيراً استخدمت المعارضة القبيلة، دون إدراك منها أن القبيلة لن تقيم دولة، بل ستطيح بالدولة، وبعد ذلك ستترك اليمن لسيطرة القبائل والقاعدة، والحراك الانفصالي.. وهذه القوى جميعها لا يجمعها سوى العداء للنظام وبغضهم للرئيس شخصياً وأولاده، ولذلك سرعان ما سينفرط عقدهم وسيعودون للقتال، والإصلاح والحوثيون يتقاتلون الآن في صعدة، وفي الجوف، وغداً سيتقاتلون في صنعاء.. وأظن الإصلاحيين، وكذلك الحوثيين قد أدركوا هذه الحقيقة الآن، لكن الأهم أن الغالبية من السكان قد أدركوا هذه الحقيقة قبلهم، ومنعوهم من ركوب الموجة، وقطف ثمار لا يستحقونها، وهذا هو الذي منع الانهيار السريع للدولة في اليمن. لكني أعترف لك أن حالة المواطنين تسوء من يوم إلى آخر بسبب الاعتداء على الطرق، وعلى المؤسسات، وعلى البترول والغاز، والكهرباء. وتوقف المصالح، والمشاريع، والتجارة، وبعض الجامعات. لذلك لا يمكن لأحد وتحت أية ذريعة أن يفكر بمفرده في حكم اليمن، هذه مرحلة تتطلب تحالفاً وطنياً واسعاً، لحماية الوحدة، والناس، والممتلكات، وهذا ما نسعى نحن إليه، أولاً لأنه مصلحة وطنية، وثانياً لأنه استجابة لرأي الغالبية من السكان، وهو يتفق مع رأي أشقائنا في المملكة والخليج وكذلك أصدقائنا في الولايات المتحدة وأوروبا.. والمحبين لليمن، والحريصين على خروجه من الأزمة سالماً معافى.
ضرب القاعدة
ما تصوراتكم لمستقبل اليمن في ظل المواجهات العسكرية في أبين ؟
– ما يجري في أبين هو صراع حقيقي مع القاعدة، لقد وجدت القاعدة في المحافظات الجنوبية بيئة مناسبة للتواجد والتوسع والانتشار، كان من عوامل هذه البيئة الحراك الجنوبي الذي خلط قادته بين ما هو عام، وما هو خاص فخاصموا النظام وفي نفس الوقت عادوا الوحدة . كانوا أقرب إلى المصلحة الشخصية، وليس إلى مصلحة الوطن وفضلوا الانتقام من علي عبدالله صالح، على التسامح والوحدة والتلاحم الذي يحمي اليمن. القتال في زنجبار في ساعاته الأخيرة، وسيعود الهدوء للمدينة قريباً، وقد بدأت فلول القاعدة في الهروب.. إلا أن مواجهة الإرهاب في اليمن ليس مسؤولية النظام وحده، هي مسؤولية كل القوى السياسية، بما في ذلك أحزاب المشترك، التي صمتت على أفعال القاعدة، ولكنها تثير الزوابع حول أحداث أخرى أقل أهمية. وهي كذلك مسؤولية الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي، وكذلك مسؤولية المجتمع الدولي، فمساعدتهم في مواجهة القاعدة ضرورية. لقد صورت بعض وسائل الإعلام- مثلاً- الأحداث في زنجبار وكأنها خلاف بين المواطنين والنظام. هذه النظرة القاصرة ضررها سيصيبنا جميعاً في اليمن وفي الإقليم، كما أن مواجهة الإرهاب ليس محصورة في الوسائل العسكرية بل إن واحداً من عوامل انتشار القاعدة هو الفقر في اليمن . وأظن أن الرسالة التي تعلمناها نحن في اليمن وفي دول الجوار واضحة الآن، فالفقر والجوع والبطالة، وانسداد الأفق أمام الشباب تدفعهم إلى المنظمات الإرهابية دفعاً، مع قصور واضح في التعليم والتربية، ودور الدين والمسجد في المشهد كله .
الحصبة.. وأولاد الأحمر
أين توصلتم في الاتفاق مع صادق الأحمر وإخوانه؟
– لاشك أن أحداث الحصبة مؤسفة جداً وستترك أثراً سيئاً في العلاقات الاجتماعية بين الناس، وبين الناس والدولة. لو أن كل قبيلة اختلفت مع الدولة يحق لها حمل السلاح، فعلى اليمن أن يودع الخارطة السياسية كدولة موحدة. وعلى الشعب اليمني أن يبحث من جديد عن هوياته الصغرى، أو أن يحتمي بالطائفة والمذهب، أو المنطقة، وسياسات من هذا النوع لا تقيم دولة، بل تمزقها، وارجو أن يدرك أبناء الشيخ عبدالله والشيخ صادق تحديداً، أن القبيلة لا يمكنها أن تقيم عدلاً أو تحمي نظاماً، والحديث عن رفع المظالم له قواعده وقوانينه، ودستور اليمن يحمي الجميع، والأولى هو الدفاع عن الدستور، عن الدولة، خصوصاً وأن إمكانية التغيير، والإصلاح ممكنة ومتاحة لكل القوى بما في ذلك التجمعات القبلية. كما أن حسم الخلافات عبر البندقية قد يستدعي تدخلاً خارجياً. ولذلك نحن ندعو إلى تحكيم العقل، وإبداء قدر من التفهم لمصالح بعضنا البعض، واحترام المشترك في العلاقات بين أفراد المجتمع أياً كان موقعهم السياسي أو الاجتماعي أو انتمائهم المذهبي.. الدولة يفترض فيها أن تكون السقف الأعلى لكل السقوف، وعلى الجميع القبول بهذه المسلمة، لن تحكم اليمن قبيلة واحدة هكذا علمنا تاريخ اليمن، قد تنشئ لها سلطة، لكنها لا تقيم دولة موحدة على أرض اليمن الموحدة، الآن وقف إطلاق النار قائم، ولكن العناصر المسلحة مازالت منتشرة في الحصبة بصورة ملحوظة وقد أقامت لها متاريس جديدة، ربما لخوض معركة أخرى مع الدولة.
اتصالات مع علي محسن
هل هناك تواصل مع قائد الفرقة الأولى مدرع علي محسن للعدول عن قراره ؟
– كما أعرف الاتصالات مع علي محسن لم تنقطع مع الرئيس عندما كان في صنعاء، ومع النائب الآن.. ويجري التعامل مع علي محسن بما تمليه المصلحة الوطنية، وهذه المصلحة تقتضي التعامل مع الخلاف بصبر وحكمة.. والإبقاء على خطوط التواصل والاتصال قائمة، وهي البحث عن حلول للمشكلة. لقد قلت مراراً وتكراراً إن الخيار العسكري في حل الأزمة في اليمن وتجاوز المشكلات لم يعد متاحاً لأحد، وهو قطعاً أسوأ الخيارات.. وأرجو بل وأتمنى أن لا يكون هذا مطروحاً على مائدة أي من الفرقاء.. وبالنسبة لنا في المؤتمر ولقيادته فضلنا دائماً حلاً سلمياً لمشكلاتنا، ونبحث في صورة من صور النظام السياسي الجديد الذي يستوعب تناقضاتنا، ويجد القبول عند الجميع، وحينها يصبح التغلب على عناصر الأزمة العسكرية والأمنية والسياسية ممكناً. لقد سالت دماء كثيرة، وحان الوقت لوقف نزيف الدم بصورة نهائية، وعلى من لديه القدرة على المساعدة في حقن الدماء أن لا يبخل بهذه المساعدة، وفي اليمن أطراف كثيرة عندها هذه القدرة .
ما صحة الأنباء عن زيارته للرئيس ؟
– حسب علمي لم تحدث هذه الزيارة، ولا أظنها ستحدث في ضوء قراءة الواقع المعقد، والمشحون بالخلافات اليوم. ومن يقرأ آخر مقابلة لعلي محسن في صحيفة «الحياة»، سيدرك بأن الرجل قد غدا أكثر تشدداً بعد الاعتداء على الرئيس، هناك من يوغر صدر الرجل على الرئيس وأبنائه، وهؤلاء دعاة الفتنة في اليمن.
ماذا عن صحة الرئيس، والمسئولين المصابين، وما الحصيلة النهائية للحادث ؟
– الرئيس بخير، وصحته تتحسن يوماً بعد آخر، وأتوقع أياماً فقط وتكون هناك أخبار سارة للمواطن اليمني الذي ينتظر عودته بفارغ الصبر، وكذلك من معه في الرياض. كما أن من بقي منهم في صنعاء صحتهم تتقدم أما حصيلة الحادث فقد ذكرتها لكم في البداية وهو حادث يثير أسئلة كثيرة إجاباتها صعبة ومعقدة.
الأصدقاء.. موقف إيجابي
كيف تنظرون لمواقف الدول الأجنبية، وخاصة أمريكا وبريطانيا حيال الأزمة في اليمن والوضع الراهن ؟
– الأمريكان والبريطانيون والغرب عموماً لهم مصالح في اليمن، ومن البديهيات أن يحافظوا على مصالحهم، وأن يعملوا على استقرار اليمن ووحدته، لم أسمع شيئاً مخالفاً لهذا، بل إنني أستطيع أن أشيد بدور السفير الأمريكي في صنعاء لمنع الانفجار بين الأطراف المتصارعة، والوصول إلى اتفاق حول قضايا الخلاف، والبحث في المخارج، الأمر هذا ينطبق على سفراء الاتحاد الأوروبي، وبريطانيا. وأظن أن الدور الأمريكي منع تصعيد الأزمة دولياً، خاصة والأمريكان يدركون أن سقوط النظام في اليمن يعني سقوط الدولة، وسقوط الدولة سيفسح المجال أمام التطرف والإرهاب ليملأ الفراغ، وسيؤدي إلى زوال الدولة المركزية، ومحاربة الإرهاب لا يمكن أن تتم إلا في ظل سلطة مركزية قوية تحقق العدالة والمساواة، ويتفق أهلها على شكلها ومضمونها، باختصار نحن حتى الآن نقدر للأمريكان والأوروبيين تفهمهم للأزمة اليمنية، وإذا بدا أن بعضهم منحاز لساحات التغيير، فان هذا البعض لم يؤثر على موقف الكل الداعم لوحدة اليمن، واستقراره ، وهذا موقف محل تقدير من جانبنا .الآن الأمم المتحدة على الخط، وجهود الأمم المتحدة، وأمينها العام ومندوبه في اليمن جمال بن عمرو مرحب بها من كل الأطراف كما اعتقد، وبالدرجة الأولى من المؤتمر ومن الرئيس.. إلا أنني أعود وأكرر أن اليمنيين يدركون أن الدور
الأهم سيبقى للمملكة ودول الخليج، وعلى وجه الخصوص لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين، والنائب الثاني، هم أدرى بداء اليمن، وهم أقدر على المساعدة في العلاج، والشعب اليمني يشجع هذا الدور ويحترمه وينظر إليه بأخوية صادقة.. وإنني لأرجو أن يبقى الأخوة في المملكة على قرب من أحداث اليمن. ومن كل قواها السياسية، ليتمكنوا من الإمساك بخيوط الأزمة. ويدفعوا باليمن واليمنيين إلى الاتفاق على كلمة سواء.. ولا أعتقد أننا بحاجة إلى القول أن اليمن بعضاً من نسيج الجزيرة، والاستقرار فيها مصلحة مشتركة.
كلمة
لابديل للحوار
الحوار ولا شيء غيره سيخرجنا من الأزمة التي وجدنا أنفسنا بفعل حسابات أحزاب اللقاء المشترك وشركائهم الخاطئة المبنية على اعتقاد أن بإمكانهم الانقضاض على الديمقراطية التعددية والانقلاب على الشرعية الدستورية والوصول الى السلطة خارج سياق إرادة الشعب المعبر عنها في صناديق الاقتراع ومعتمدين في ذلك على الأسلوب التآمري المبني على استغلال القضايا والمشاكل وتحويلها الى صعوبات وتحديات تتناقض مع مسيرة بناء اليمن الموحد الديمقراطي على أسس راسخة من الأمن والاستقرار والتنمية والنهوض الشامل. في مواجهة هذا السلوك التخريبي التدميري كان المؤتمر الشعبي العام بزعامة فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح تدعوهم الى التلاقي والحوار انطلاقاً من قناعة وإيمان صادق بهذا النهج الذي به تمكن اليمن من تجاوز فترات ومراحل ومنعطفات معقدة وخطرة وتم الانتصار عليها وكانت النتائج دائماً تصب في صالح اليمن وأبنائه.. لذا ظل المؤتمر في خضم تداعيات الفتن المثارة والأزمات المفتعلة والحرائق المشتعلة يدعو الى الحوار ويترك أبوابه مشرعة إدراكاً منه لطبيعة الواقع اليمني وتعقيدات بناه الاجتماعية وتكويناته السياسية وهذا جعلنا جعله مستوعباً لحقيقة أن الحل ليس في الصراع والاحتراب والمواجهات بل بالحوار.. ولا نحتاج هنا لسوق الامثلة لنؤكد الى ماذا كانت تنتهي الامور عندما تحتكم الاطراف المختلفة والمتباينة الى خيارات يستبعد منها الحوار وما هي الاثمان التي دفعها شعبنا من دماء أبنائه من استحقاقات متطلبات نمائه وتقدمه وازدهاره. واليوم نحن بحاجة الى الحوار اكثر من أي وقت مضى وهذه حقيقة بات يعيها لا فقط كل يمني شريف مخلص حريص على وطنه وأمنه واستقراره ومكتسباته وإنجازات ثورته ووحدته وإنما كل الاشقاء والاصدقاء وهذا ما عبرت عنه دعوات مجلس التعاون الخليجي وأكد عليه المجتمع الدولي مراراً وتكراراً وآخرها البيان الذي أعلنه مجلس الامن وعبر بوضوح لا لبس ولا تأويل أن لا حل للأزمة الا بجلوس جميع أطرافها على طاولة الحوار وطرح كل خلافاتهم عليها ومناقشتها بهدف إيجاد الحلول التي تنهي حالة الانسداد السياسي والخروج من بوتقة الازمة التي ما كان لنا أن نصل اليها لولا عناد وتعنت ومكابرة قيادات احزاب اللقاء المشترك وشركائهم الذين مازلوا يصرون على رهاناتهم التآمرية الانقلابية برفضهم للحوار حتى بعد أن أصبحت دعواته تتجاوز الداخل الوطني الى كونها قناعة إقليمية ودولية.. ولأن المؤتمر الشعبي العام كان ومنذ البداية وقبل أن تصل الاوضاع الى ما وصلت اليه يعتقد بصورة جازمة ان لا حل الا بالحوار، فقد استجاب لبيان مجلس الأمن فور إعلانه، لأن الحوار هو خياره سيظل كذلك انطلاقاً من قناعته ان الخيار الآخر هو خيار العنف والارهاب والدمار والخراب والفوضى والفرقة والتمزق ومن يتمسك به يدفع بحاضر الوطن ومستقبل أبنائه الى المجهول.