بدرية البشر
ما كاد خبر حامل «الطنجرة» السعودي المقبوض عليه في مطار ديترويت يبرد حتى عاجلته الأخبار بخبر سبعة أشخاص، احتجزوا لفترة قصيرة بعد منتصف ليل «الثلثاء/الأربعاء» إثر دخولهم خزان «كوابن» الرئيس الذي يغذي بوسطن بمياه الشرب. وإن كان تقدير أن دخول سبعة أشخاص إلى أكبر خزان مياه في المدينة تحت الأرض في أنصاف الليالي،
وهم طلاب تخرجوا في الهندسة الكيماوية وبينهم سعودي وباكستاني، هو نوع من سوء التقدير كما أسفرت عنه التحقيقات، فإن صاحب «الطنجرة» لم يحالفه سوى سوء التفسير، فعلى رغم إمكان أن يكون وجود «طنجرة» ضغط في أمتعة المسافر القادم من سوء التقدير أيضاً إلا أن سوء تفسيره لوجود صفحتين منزوعتين من جواز سفره خرّب كل التقدير، فقد جاءت إجابته عن الذي مزّق ورقتين من جوازه بقوله: «البزران» – أي الأطفال – فقررت المحكمة أن تتحفظ عليه، ربما حتى يكبر «البزران» ويعقلوا ويتأدبوا فلا يعبثوا بوثيقة رسمية كجواز السفر.
الصيف قادم وسيزيد عدد المسافرين من السياح والزوار ورجال الأعمال والإعلاميين، وسيشهدون بأم أعينهم كيف تحولت قاعات التفتيش في المطارات إلى خلايا نحل تعج بقرصات رجال الأمن المتوثبين من دون مزاح. يتفحصونك، يقرأون وجهك، ويفسرون رموزك الثقافية بحسب نشرة الأخبار الأخيرة، مأمون الجانب أم تشوبه ملاحظات؟ تنفخ الأجهزة ثيابك حتى تظن أنك ستطير، وقد تقع تحت فحص اختيار عشوائي، ليس هذا فقط، بل قد يجري عليك السحب بسبب الأوضاع الدائرة في بلادك، وعدد مرات تورط جاليتك في أعمال عنف.
مبتعثنا السعودي الذي ربما كان يلهو في خزان مياه في منتصف الليل ما عذره وهو يدرس في جامعة تلك البلاد؟ ولا شك في أنه تابع أخبار تفجيرات بوسطن من تلفزيونه على الأقل، وكيف توحش التيار اليميني الذي لم يعجبه أن ينجوا من التهمة طالب سعودي مصاب تصادف وجوده في المكان، كما أن صاحبنا الثاني أبا «الطنجرة» إن كان يخشى شيئاً في صفحتي جواز السفر رقم (33) و(34)، فإنه يعرف أن اتهام «البزران» بأنهم عبثوا بجوازه لن تقابله سوى أغنية راشد الماجد «على مين تلعبها يا ابن الناس»؟
في أميركا يخضعون طلبتنا الذين يتقدمون بطلب رخصة قيادة ممن هم تحت سن الـ21 لدورة من ست ساعات إجبارية، ليس مهماً فيها أن يتعلموا أثر الكحول في تدمير الكبد أو موقف الأديان منها، كل ما يهمهم هو معرفة السائق أن عليه التوقف عن قيادة السيارة بعد شرب ما يزيد على كأسين، لأن الكأسين تعطّلان القدرة على الحكم، فلا يغتر شاب بفروسية كاذبة تجعله قادراً على قيادة السيارة، أو أنه من نوع «يشرب المحيط ولا يسكر»، وإن كان لا يخاف على نفسه، فإن الشرطة تجعله متأكداً من أنهم يخافون على من يشاركه الطريق، وتغلّظ له العقوبة لأنها أخبرته. لم لا يخضع المسافرون من المبتعثين والسياح أيضاً لساعة تثقيفية تنظمها السفارة المانحة لتأشيرة الدخول عن القانون في تلك البلاد تكفيهم شرّ السجون والشكوك الخفية؟
أحد السياح حدثنا أنه فوجئ بالشرطة الأميركية تجره من قفاه وهو يمزح مع طفل في مكتبة تجارية، وخضع لتحقيق مرده أن أم الطفل أصابها الذعر من ذلك الغريب الذي يمازح الطفل، فأقسم من يومها ألا ينظر إلى طفل ولو كان يستغيث. وطلاب سعوديون مرّوا بجانب كرة ملونة مركونة على جانب الطريق لا تعني أحداً، فدحرجوها نحو باب صديقهم الذي دعاهم للغداء، وأهدوه إياها، وبعد أن غادر الضيوف، شاهد المضيف صورة الكرة في نشرة الأخبار والمذيع يندد بلصوص سرقوا منحوتة فنية مهمة تقدر بآلاف الدولارات يجري البحث عنهم. «يعني كان لازم تتكلفون وتجيبون معكم هدية»؟