العميد بحري صالح مجلي يفند إمكانات اليمن في مواجهة القرصنة ويؤكد تواجد السفن الحربية الإسرائيلية في

برزت قضية القرصنة في البحر الأحمر وخليج عدن كمسؤولية عربية مشتركة ذات أبعاد أمنية متعددة وتشكل في مجملها تحدياً حقيقياً للأمن القومي العربي، إثر تحرك دولي لتدويل المنطقة التي تشهد في الوقت الراهن تعزيزات عسكرية أوروبية وأمريكية وإسرائيلية تحت ذريعة تأمين مصالحها التجارية في ظل عجز الدول الإقليمية عن توفير الأمن…

ولكن المصالح التجارية ليست هي السبب الوحيد لسباق الدول الكبرى على تعزيز تواجدها العسكري في المنطقة، حيث يؤكد العميد بحري صالح مجلي “وهو خبير مختص في شؤون الأمن البحري” بأن الموقع الجغرافي لجنوب البحر الأحمر وخليج عدن سلاح ذو حدين إذا لم تكن الدول المطلة عليه مؤهلة تأهيلاً كاملاً لتأمينه فإن التدويل سيكون هو البديل..
وأوضح مجلي بأن منطقة جنوب البحر الأحمر ومضيق باب المندب وصولا إلى جزيرة سقطرى تعتبر منطقة إستراتيجية هامة من الناحية الجغرافية والعسكرية، وتكمن أهمية هذا الموقع في أن اليمن يسيطر من خلاله على ثلاثة مسطحات مائية في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر الأحمر بالإضافة إلى إشرافه وتحكمه من جزيرة سقطرى بالممرات الدولية الآتية من المحيط الهندي وصولاً إلى خليج عدن.
إمكانيات الدول الإقليمية
التصدي للقراصنة كما يرى “العميد مجلي” أمر ممكن جداً إذا وجد تعاون دولي مع الدول الإقليمية في المجال المعلوماتي والتمويل وتطوير إمكانات الدول بما يساعد على تكثيف الإجراءات الأمنية وتنظيمها وتنسيقها وزيادة فاعليتها، كما أن التنسيق بين الدول الإقليمية أمر ضروري لتضافر جهودها لأن تأمين المنطقة في صالح جميع الدول وخصوصاً دول الخليج التي تمر خطوط نفطها في البحر الأحمر.
وفيما يؤكد “مجلي” بأن جميع الدول الساحلية في البحر الأحمر تمتلك إمكانات جيدة لمكافحة القراصنة، شدد على ضرورة تضافر إمكانيات كل دولة على حدة وذلك بما يساعد على استغلال إمكانياتها الاستغلال الأمثل ويحق لها أن تطلب مساعدة المجتمع الدولي لتطوير قدراتها.
خفر السواحل والقراصنة
منذ البدايات الأولى لنشاط القراصنة في المنطقة ظل خفر السواحل غائباً تماماً عن المشهد، ويعزي العميد “مجلي” هذا الغياب إلى قلة الإمكانات وانعدام التنسيق، حيث يكتفي خفر السواحل في اليمن بالتواجد في الموانئ، دون الالتزام بأي دوريات منتظمة في المناطق التي ينشط فيها القراصنة…
وأوضح مجلي بأن أي سفينة تتعرض للخطف تقوم بإرسال إشارة إنقاذ (SAS)، وهذه الإشارة تستلمها مراكز خفر السواحل، التي تقوم بإبلاغ الدوريات المتواجدة في الميناء وبمجرد تحركها للنجدة ووصولها إلى موقع الحادث يكون القراصنة قد نقلوا السفينة المختطفة إلى مكان آخر..
ولهذا يؤكد العميد ” مجلي” على أهمية تواجد دوريات خفر السواحل في البحر الأحمر على مدار الساعة، بحيث يتحرك أقرب زورق مسلح إلى موقع الحادث فور استلام أي إشارة استغاثة، خصوصاً وأن القراصنة يتسلحون بأسلحة خفيفة وبمجرد شعورهم بتواجد أي قوة مسلحة يفضلون الفرار وعدم المواجهة.
د ور القوات الجوية
ونوه “مجلي” إلى ضرورة تضامن القوات الجوية مع قوات خفر السواحل، وذلك عبر نظام للتنسيق يسمى ب”نظام التعاون”، وهو عبارة عن نظام يعتمد على أن تقوم طائرات “الهل” بدوريات منتظمة في البحر، وبمجرد العثور على أي ظاهرة مريبة تقوم بتوجيه زوارق ودوريات خفر السواحل الذين يفترض أن يكونوا متواجدين في البحر وليس في الموانئ..
وأشار إلى أن دور الطيران في هذا النظام يقتصر على الاستطلاع، ولكن الحاصل في بلادنا هو أن الطلعات التي تقوم بها طائرات “الهل” لا تتم بالتنسيق مع القوات البحرية وقوات خفر السواحل.
وعن قدرات اليمن في هذا المجال أكد مجلي بأن لدينا ثلاث قواعد جوية في كل من الحديدة وعدن والمكلا، وهناك أسراب من طائرات “الهل” يجب أن تنسق طلعاتها البحرية مع القوات البحرية وخفر السواحل، بحيث يقوم الطيران بتزويدها بالمعلومات ليتم توجيه أقرب الدوريات لإنقاذ السفن.
تأخر الإنقاذ
ويعزو مجلي تأخر خفر السواحل في إنقاذ السفن إلى عدم تواجد دوريات في البحر، بالإضافة إلى عدم تواجد طائرات “الهل” في الجو بشكل مستمر…
ويرى بأن الحل يبدأ من احتفاظ الدول الساحلية بما يسمى ب”القوات الجوالة” أو “القوة الدولية” وهذه القوات موجودة لدى كل من السعودية والإمارات وعمان، وهي تقوم بدوريات منتظمة في مياهها، ويتم تنظيم عملها عن طريق جداول خاصة، بحيث تتواجد ثلاث سفن على الأقل في البحر بالتناوب وتكون جاهزة لأي تدخل سريع.
الجزر اليمنية
للجزر اليمنية أهمية كبيرة في مكافحة القرصنة كما يرى مجلي، حيث يمكن أن تكون نقاط انطلاق للتدخل السريع، وقال بأنه كانت هناك خطة بأن يتم إنشاء مركز للمراقبة في جزيرة ميون بقلب مضيق باب المندب، بالإضافة إلى إنشاء مركز للتدخل السريع بجزيرة سقطرى، ويعتمد عمل هذه المراكز على توفير زوارق مسلحة مهمتها التحرك السريع بمجرد استلام أي إشارة إنقاذ من أقرب نقطة ممكنة…
وأشار “مجلي” إلى ندوة عمان الدولية التي عقدت مؤخرا حول مكافحة القرصنة، وأكدت على أنه يجب أن تكون هناك مراكز لمكافحة الإرهاب والقرصنة بالإضافة إلى مراكز خاصة لاستلام المعلومات في المناطق الساحلية، وذلك من منطلق أن مسؤولية مكافحة القرصنة مسؤولية محلية للدول الإقليمية، ثم إقليمية من خلال التنسيق بين مجهوداتها، ثم دولية من خلال تقديم الدعم اللازم لهذه الدول لتأمين المنطقة.
قواعد أجنبية
وأوضح مجلي بأن سياسة اليمن لا تسمح بقيام أي قواعد أجنبية على أراضيها أو جزرها، ولكن قد تحاول بعض الدول استثمار الظروف الراهنة بحجة أن الخطوط الدولية معرضة للتهديد من قبل القراصنة..
وقال بأن الدول الكبرى كأميركا وبريطانيا وفرنسا لها تواجد بحري في خليج عدن وجنوب البحر الأحمر وهذا التواجد يعتبر كافياً، غير أن مثل هذه الأعمال الإجرامية قد تهيئ مبررات لتعزيز هذا التواجد بحجة حماية مصالح الدول.
مراكز القراصنة
تبدو أنشطة القراصنة وإمكاناتهم المادية والبشرية واضحة إلى حد كبير للمختصين العسكريين، حيث يؤكد “مجلي” بأن جميع المناطق التي يتمركز فيها وينطلق منها القراصنة والمهربون معروفة بدقة، وأهم هذه المناطق مدينة بوصاصو الواقعة شمال شرق الصومال، وهذه المدينة إضافة إلى كونها مركزاً لانطلاق القراصنة تعتبر مركزاً للمهربين الذين يهربون البشر من أفريقيا إلى اليمن.
وأضاف مجلي بأن المنطقة الثانية التي تنطلق منها سفن القراصنة هي منطقة طيعو في إريتريا، وهذه المنطقة هي مركز القراصنة الذين يمارسون عمليات النهب التي يتعرض لها الصيادون اليمنيون في الحديدة وتعز ولحج.
الإمكانات المادية
وعن الإمكانيات المادية التي يمتلكها القراصنة يؤكد “مجلي” بأن سفنهم عبارة عن زوارق عادية ومسلحة بأسلحة خفيفة لا تتعدى في أكبر الحالات أسلحة ” آر بي جي” وهم لا يستخدمون السلاح إلا لتهديد طواقم السفن فقط.
كما أن قواربهم مزودة بمخاطيف يقومون بإلقائها على السفن كي يتمكنوا من تسلق السفن وهم مدربون على التسلق بشكل جيد، حيث يتسلقون حاملين أسلحة الكلاشينكوف، وبمجرد وصولهم إلى سطح أي سفينة يسيطرون عليها، خاصة إذا لم يكن هناك أي سلاح لدى طاقمها.
ويساعد على ذلك أن الأسلحة ممنوعة على جميع السفن التجارية فيما عدى السفن الإسرائيلية التي يزود طواقمها بالأسلحة على اعتبار أنها دولة مهددة.
وفيما يؤكد مجلي بأنه لا توجد أي أرقام دقيقة لأعداد القراصنة، قدر عددهم خلال الفترة الأخيرة الماضية بالعشرات وقد يصلون إلى بضع مئات بالمبالغة.
وتدر أعمال القرصنة دخلاً كبيراً جداً على القراصنة، ويخشى أن تستخدم الأموال والأسلحة التي يستولون عليها في أعمال إرهابية، خصوصاً وأن نجاح عصابات القراصنة قد يشجع على حدوث عمليات إرهابية في المنطقة.
التواجد الإسرائيلي
ولأن هذه المنطقة تشكل هدفاً استراتيجياً لدولة الكيان الإسرائيلي من الناحية العسكرية والتجارية، فقد تعددت محاولات إسرائيل الرامية إلى السيطرة على المنطقة، ولا يعتبر المشروع الذي طرحته إسرائيل لتدويل المنطقة ورفضته جميع الدول العربية قبل سنوات آخر محاولة لها في هذا الجانب، حيث يرى مجلي بأن زيادة أعمال القرصنة في ظل عجز الدول الإقليمية عن تأمين المنطقة سوف يساعد إسرائيل على إعادة طرح مشروعها من جديد.
ويفسر مجلي الاهتمام الإسرائيلي بالمنطقة بأن معظم الدول العربية المحيطة بالبحر الأحمر ودول الخليج ليس لإسرائيل أي تنسيق واضح معها، ولهذا فقد ظل تواجدها في المنطقة منحصراً في تسيير دورياتها التي هي عبارة عن سفن متوسطة الحجم “صاعر(5)، صاعر(6)،صاعر(7)”، وهذه السفن لها إمكانيات إبحار عالية وتتجاوز السبعة والثمانية آلاف كيلو، وهي سفن مسلحة بشكل جيد جداً.
وتستند إسرائيل في تسيير دورياتها بالمنطقة إلى ذريعة حماية مصالحها التجارية مع جنوب أفريقيا ومعظم دول شرق أفريقيا، وفي ظل زيادة أعمال القرصنة ستعمل إسرائيل على تعزيز تواجدها من منطلق أن الأمن مفقود ومن حقها أن تحافظ على مصالحها كسائر الدول المتواجد في المنطقة.

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *