رئيساً لكل اليمن و مرشحاً للمؤتمر فقط…
نزيه أحمد يحيى العماد *
لا يمكن أن يكون الطريق الى الجنة عبر مزج المعتقدات المتناقضة، ولا يُعقل ان يقوم محام واحد بتمثيل طرفي القضية في نفس الوقت …. كذلك في العملية الانتخابية لا يتصور أحد أن يكون شخص واحد هو من يلتزم بتنفيذ برنامجين مختلفين تماماً وأن يكون مرشحاً من قِبل طرفين متنافسين و متناقضين بل ومتخاصمين.
من أكبر مساوئ الحياة السياسية في اليمن خلال المرحلة الماضية هو عدم وجود فواصل مدنية سياسية بين الحزبين الرئيسيين في اليمن، كان يتم ترشيح الرئيس صالح من المؤتمر الشعبي العام و يرشحه ايضاً حزب الاصلاح او على الاقل ترشحه ابرز قيادات الاصلاح للرئاسة، مما كان يضعف المؤتمر الشعبي العام امام الرئيس صالح ، وتتضح هذا الضعف عندما نطالب بتنفيذ برامج المؤتمر و رؤاه بأعتبار أن الرئيس صالح لم يكن حكراً على حزبه اثناء الانتخاب، وان هناك أطراف أخرى يجب مراعاتها لان جزء من الاصوات التي منحت الرئيس صالح الشرعية هي دين يجب سداده لهذه الاطراف، وبما أن البرامج الانتخابية للحزبين تم تحييدها لأنها متناقضة ولايمكن مزجها فيتم سداد ذلك الدين عبر خدمات تقدم للجماعات و الشخصيات وهنا تبدأ الكارثة، فلا يوجد هناك حزب يتحمل مسئولية تنفيذ برنامجه كما لا يوجد حزب يحاسب الحاكم على التجاوزات و الاخطاء لأن سداد دينهم يمر عبر هذه التجاوزات.
تنتهي الفترة الانتقالية التي نصت عليها المبادرة الخليجية في 21 فبراير 2014 وكي تبدأ اليمن في مرحلة البناء و التنمية و الحياة السياسية الديمقراطية الطييعية ومن اجل ان تبدأ مرحلة المسئولية و المحاسبة فيجب فعلاً أن يتم ايقاف هذه المرحلة الانتقالية في ذلك التاريخ، فلا يمكن الاستمرار أكثر مع حكومة لا يستطيع رئيس الجمهورية او البرلمان محاسبتها او سحب الثقة عنها، خصوصا وهي تمارس هذا العبث الوظيفي و المالي و الاداري الذي يستحيل معه الا أن نرجع الى الوراء في كل المجالات.
والتمديد لرئيس الجمهورية يعني بالضرورة الاستمرار في هذه الوضع العقيم و استمرار الرئيس و البرلمان منتقصي الصلاحيات، فلامجال الا لإجراء انتخابات نيابية و رئاسية قبل ذلك التاريخ وققاً لأي قانون و طبقاً لأي دستور كان.
وكعضو في المؤتمر الشعبي العام اطالب المؤتمر بصياغة برنامجه وان يتم اختيار مرشحي المؤتمر للبرلمان و للرئاسة ايضاً والبدء بالحملات الانتخابية.
وبحكم ان الفترة الانتقالية لم تكن كافية للرئيس هادي لأن يستكمل ما بدأ به فعلى المؤتمر الشعبي العام وبدون اي تأخير أن يعلن رسمياً أن الرئيس هادي هو مرشح المؤتمر الشعبي العام للانتخابات الرئاسية القادمة، وفقاً لبرنامج يقدمه المؤتمر للجماهير كما جرت العادة في اي نظام ديمقراطي ولو ناشئ.
ومن أجل الدفع بالتغيير والحرص على تلافي أخطاء الماضي و التزاماته ، على المؤتمر ان يدفع بمرشح للمؤتمر فقط، خصوصاً وأن الفجوة أتسعت كثيراً بين المؤتمر وشريكه الرئاسي السابق “حزب الاصلاح” واصبح من المستحيل بل ومن غير الاخلاقي ان يتقدم الطرفان بمرشح واحد خصوصاً بعد أن تجرع المواطن اليمني خلال الاعوام الثلاثة الماضية المآسي المتلاحقة بسبب النزاع بين الطرفين، والا سيصل المواطن لقناعة بأنه كان ضحية عبث الطرفين وخلافهم على تقاسم السلطة و الثروة في اليمن ولم يكن خلافاً سياسياً يتم حسمه عبر التنافس الانتخابي.
والرئيس هادي و بحكم أنه نائب رئيس المؤتمر و عضو اللجنة العامة فلا أعتقد أن هناك ما يبرر ترشحه عن حزب آخر غير حزبه، خصوصاً من ذلك الحزب الذي صرح قادته بأنهم يسعون لإجتثاث حزب المؤتمر -حزب الرئيس هادي- فالمرحلة الانتقالية الاستثنائية لم يعد لها وجود وعلينا أن نبدأ بصورة متحضرة وطبيعية.
لابد أن يقدم كل طرف سياسي رئيسي مرشحه الذي يعبر عن رؤاه و ينفذ برنامجه، والمواطن اليمني لديه الاهلية الكاملة كي يختار من يثق به كشخص او حزب او برنامج، وسيعرف كل طرف حجمه الحقيقي من حصيلته الانتخابية.
نحن في المؤتمر الشعبي العام نريد أن نتحمل المسئولية وبجدية كمعارضة أو كحزب حاكم، فلكل دوره في الارتقاء بالبلد اذا ما حسنت النوايا، ويسعدنا أن نقدم الرئيس هادي كمرشحنا للانتخابات الرئاسية القادمة ، على أن يتقدم المشترك او الاصلاح بمرشحهم و سنخوض معاهم منافسة حضارية تؤسس لنظام سياسي مدني ديمقراطي، اما اذا اصروا على مشاركتنا بمرشحنا الرئاسي -تحت اي مبرر كان- و قبل الرئيس هادي بذلك فعلى المؤتمر أن يضحي وأن يبحث عن مرشح آخر.
قد نخسر الانتخابات، ولكنا سنكون أحرار، والمعارض الحر أفضل بكثير من الحاكم المقيد.
* المستشار القانوني للمؤتمر الشعبي العام