هل ينقذ الخليجيون أنفسهم بإنقاذهم لليمن

محمد حسين النظاري

 • ظل المشهد الخليجي بعيدا  نوعا ما عما يدر في اليمن خلال الفترة الماضية , ورغم تزايد الأحداث على  الساحة اليمنية ووقوع عشرات الشهداء من رجال الأمن والشباب المطالبين  بالتغيير إلا أن الموقف الخليجي ظل غامضا حتى كان الاجتماع الوزاري لدول  المجلس إلى انعقد لتدارس الأوضاع في اليمن والبحرين وما نتج عنه من دعوة  صريحة للحوار من اجل انتقال سلمي وآمن للسلطة وهو ما دعت إليه القيادة  السياسية ممثلة برئيس الجمهورية .


• الدعوة الخليجية لا تصب في مصلحة الجمهورية اليمنية أرضا وشعبا فقط بل هي تصب أيضا في صالح بلدان و شعوب الدول الخليجية نضرا لما تمثله اليمن من عمق استراتيجي مهم لكل دول لمجلس ابتداء من الجارتين السعودية وعمان وامتدادا لبقية دول المجلس , لان أي تدهور امني في اليمن لا قدر الله ستصل نيرانه إلى تلك الدول وان لم يكن ذلك بصورة مباشرة , وليس اقلها من أن تصبح دول الخليج عرضة لمخلفات أي صراع في اليمن لا قدر الله .
• ينبغي أن تدرك دول الخليج أنها شريكة فيما حصل ويحصل وسيحصل في اليمن كون بعض الدول وللأسف الشديد تصفي حساباتها ضد بعضها على الأراضي اليمنية عبر استقطاب بعض الأطراف ضد البعض الآخر حفاظا على مصالحها هي مع أنها بذلك كانت تخرق السلم الداخلي وتزيد من وتيرة الأحداث ولعل ما حدث في صعدة ذليل واضح على المماحكة السعودية القطرية والتي تدار على الأرض اليمنية ووقوف بعض الدول ضد الوحدة قبل أن تعود وتدعمها بقوة.
• بعض دول المجلس دأبت على دعم اليمن بطريقة مزدوجة قادت إلى إضعافه وليس إلى تقويته , وتجلى ذلك في دعمها لمشائخ القبائل وليست القبائل ذاتها مما جعل قادة تلك القبائل تستند من خلال ذلك الدعم إلى مصارعة الدولة وافتعال الأزمات وتغليب مصلحة الطرف الخارجي على المصلحة الوطنية وإلا ما المعنى أن تخصص بعض دول الخليج ميزانيات كبيرة لكل شيخ قبيلة وهي بالمقابل تطرد العمالة اليمنية التي هي أمس الحاجة إلى الدعم ولنا أن نتخيل أن شيوخا يستلمون عشرات الملايين بالعملة الصعبة بصورة شهرية فيما أفراد تلك القبائل ومعهم مئات الآلاف من المواطنين يقطعون الحدود ويعرضون أنفسهم للتهلكة نظير الفوز بعمل يجلب له بعض المئات فيما غيره ينالون الملايين وهم يضعون رجلا على رجل , في مناطقهم القبلية لا تحظى بأي مشاريع تنموية لان المشائخ يريدون مصلحتهم الخاصة فقط.
• بالمقابل دعم الدول الخليجية للحكومة لم يكن في محلة في اغلب الأوقات ولم تستفد من اغلب فئات الشعب , فالمواطنون خصوصا من يبحثون عن وظائف كانوا في أمس الحاجة إلى إقامة المشاريع الحيوية التي تستقطب الآلاف من طالبي الوظائف , وكان يمكن لتلك الدول أن تقيم مدنا صناعية أما على المدن اليمنية الحدودية أو داخل المدن الحدودية لتلك الدول , وكان ذلك سيضمن أولا توفير الأيدي العاملة الرخيصة وثانيا إقامتها على المناطق الحدودية سنعش تلك المناطق وسيحد من توغل العمالة إلى عمق تلك الدول وهو ما تخشاه , وبذلك تضمن أن تكون العمالة منظمة وفي ملائمة لها إما داخل الحدود اليمنية أو في المدن الحدودية من الطرف الآخر.
• الواسطة الخليجية يجب ألا تقف عند الدعوة لحاور سياسي فقط , بل ينبغي على تلك الدول أن تمد يد العون للشعب اليمني الرازح تحت الفقر المدقع  , ويكفي أن نعرف أن مليارات الدورات التي يصرفها الخليجيون على الرياضة وإخوانهم في اليمن يحتاجون للقليل منها من اجل الاكتفاء الذاتي وليس الثراء , وعليها أن تحول ما كانت تعطيه إلى قادة القبائل إلى الشعب لأنه المحتاج فعلا لهذه المساعدات , وينبغي أن تدرك دول الخليج بأن مساعدتها لليمن وإنقاذها ما هو إلا مساعدة وإنقاذ لأنفسهم , فلو حصل في اليمن ما لا يحمد عقباه فإن تلك الدول ستدفع مئات المليارات لدرأ الأخطار الناتجة حينها , أفلا يكون من الحكمة والعقل والمنطق أن يسارعوا في الدعم لما فيه مصلحة الطرفين وبدون أي خسائر.
• على دول الخليج أن تتعامل مع الدولة اليمنية فقط يرأسها من يرئسها , وان تقف دائما مع الشرعية الدستورية التي يختارها الشعب , لأنها بذلك تساعد على بناء الدولة اليمنية الحديثة , وبغير ذلك فإنها تساعد على إضعاف أي حكومة قادمة والضعف يعني عدم السيطرة وعدم السيطرة يؤدي إلى العديد من الاختلالات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية وكلها مشاكل تؤرق دول الخليج ولهذا ينبغي أن ترتكز أي وساطة خليجية على إخراج اليمن من أزمته السياسية والاقتصادية في أن واحد , وكما قامت دول المجلس بمساعدة عمان والبحرين بعشرين مليار دولار مع أنهما أفضل حالا من اليمن , فعليهم أن يقوموا بنفس العمل ولكن بدعم الشعب فقط وليس لاستقطاب الولاءات , فأمن واستقرار ووحدة اليمن أصبح أمر مهما لدول الخليج.
باحث دكتوراه بجامعة الجزائر

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *