آخر كلام : الشعب يريد “الاستفتاء”..
زيد المتوكل
إذا كانت الأزمة اليمنية – في وعي وخطاب المعارضة – تأخذ بعدا واحدا يتمثل بإسقاط النظام والتخلص الفوري من الرئيس علي عبد الله صالح
مرة باسم التنحي ومرة باسم الرحيل وثالثة باسم الخروج الفوري ومغادرة السلطة والبلاد نفسها, وإذا كانت قد فشلت في تحقيق هدفها المعلن والمنشود تحت أية ذريعة وبأية صيغة من الثلاث السابقة والتي تؤدي جميعها إلى معنى واحد, فلماذا لا تذهب أحزاب اللقاء المشترك إلى المطالبة باستفتاء شعبي كامل حول شرعية وشعبية الرئيس تشرف عليه وتديره لجنة عربية ودولية محايدة وبالمعايير التي تحددها ؟!
هذا وحده سيكون الحل النهائي والخيار العملي الوحيد الذي يتسم بالعدالة والواقعية ويضع جميع الأطراف والفرقاء أمام الحقيقة التي لا تقبل التزييف والمزايدة وتمثل إرادة ورغبة اليمنيين بصورة حاسمة ونهائية بما لا يمكن بعدها المزايدة على الإرادة الشعبية وموقف الأغلبية الساحقة من اليمنيين,أيا كانت النتيجة التي تتقرر عن عملية الاستفتاء ويقبل بها الجميع ويصدق عليها المجتمع الدولي .
لا تستطيع أحزاب المشترك فرض إرادتها ورغبتها على أغلبية اليمنيين ,ولا يمكنها أن تستمر في ادعاء تمثيل إرادة الأغلبية الشعبية ما لم تقبل بهذا الامتحان البسيط وبعدها لكل حادث حديث. وإلا ما هو المخرج والحل إذا كانت المعارضة ترفض جميع المبادرات والحلول والوساطات بعدما سبق ورفضت جميع المبادرات التي قدمها الرئيس علي عبد الله صالح وتسعى إلى فرض إرادتها ولو بالانقلاب على الشرعية الدستورية واستخدام الوسائل المشروعة وغير المشروعة لتمرير خطتها ومصادرة الحياة المدنية والدستورية والمجتمع بأكمله…!
تعرف المعارضة أنها لن تحقق غايتها باستخدام الفوضى المنظمة -التي توعد بها حميد الأحمر في 2009م أمام المسئولين الأميركيين كما كشفت وثائق ويكيليكس مؤخرا- وتعطيل الحياة المدنية وتركيع النظام للقبول بشروطها وإملاءاتها في نهاية المطاف. لا يزال حميد الأحمر يخطط ويدبر ويحرض للانقلاب على الحكم والحاكم مستخدما نفوذه القبلي والحزبي (الإخواني) ورصيده المالي الذي يعرف اليمنيون جميعا كيف كونه وجمعه ومن أين جاء وبأية طرق وامتيازات(خاصة) حصل عليه,وهذا قول لسانه فضحته تسريبات ويكليكس وما خفي كان أعظم.
تكون في غاية الغباء والتوهم لو اعتقدت أحزاب المشترك أو غيرها أنها تستطيع تركيع النظام وسرقة اليمنيين صوتهم وسلطتهم وإارادتهم , وهي لا ولن تستطيع أكثر مما قد فعلت وحققت وحصدت خلال الأشهر الثلاثة الماضية التي كشفت ما تستطيعه المعارضة وما لا تستطيعه, فماذا بقي ولم تفعله,وقد فعلت كل شيء وتأكد لها وللمراقبين في الداخل والخارج أن حجم وقوة المعارضة لم يتجاوز حجم قوتها الانتخابية في انتخابات 2006 الرئاسية والمحلية وربما بزيادة طفيفة لا تغير في الوقع شيئا؟
كما أن استضعاف وتجاهل الأغلبية الشعبية والاستخفاف بها وبصوتها وحقوقها سوف يعود على المشترك وأحزابه بالخسران, ولن تقبل الأغلبية الشعبية والجماهيرية أو تسمح بتجاوزها والتعامل معها بالطريقة المستفزة والمهينة التي صدرت من قيادات المشترك وإعلامه حتى الآن باتهام اليمنيين في قيمهم ومشاعرهم وأخلاقهم ونعتهم بالمرتزقة والمأجورين لأنهم لم يوافقوا المعارضة وتمسكوا بتأييدهم للشرعية الدستورية والرئيس الشرعي والدستوري.
جربت واقترفت المعارضة العنف والفوضى والتحريض والترهيب وشراء الذمم و الاستقالات ودفع الشباب الأبرياء إلى المواجهات والصدامات مع رجال الأمن ,كما جربت التهويل والترهيب والتزييف غبر الإعلام الذي مارس الكذب والتضليل والتزوير واختلاق الوقائع والأرقام والأحداث, ورغم هذا كله خرجت الملايين مؤيدة للشرعية ومناصرة للرئيس ورافضة للانقلاب والفوضى والوصاية التي تمارسها الأقلية الحزبية والمشيخية ومن دخل في حلفها.
إما أن تحتكم المعارضة إلى العقل والحكمة وتغلب مصلحة الجماعة والوطن وتتخلى عن العناد المذموم والمكابرة والتعنت وتقبل بالحوار المتكافئ والمسئول للوصول إلى حل يرضي الجميع ويؤمن اليمن, وإما أن تحتكم إلى الوساطة الخليجية كأساس للحل وللحوار والتوافق, أو أن يذهب الجميع إلى استفتاء شعبي يعيد السلطة إلى الشعب مالكها وصاحبها والشعب يقرر بنفسه بعيدا عن الوصاية والأوصياء الذين نصبوا أنفسهم وألغوا الجماعة والمجتمع وألغوا الشعب من المعادلة…!
ماعدا هذه الخيارات ف‘ن البديل سيكون كارثيا ويدفع بالبلاد إلى حرب أهلية تتحمل مسئوليتها ووزرها جميع الأطراف والأسماء والجهات التي أوقدت للفتنة وحركتها في الشارع وعطلت جميع الحلول والبدائل المأمونة وغامرت باليمن واليمنيين حاضرا ومستقبلا ,ولن يتخلى اليمنيون عن حقهم في محاسبة ومقاضاة ومعاقبة وملاحقة جميع من تسبب في معاناتهم وشارك في المؤامرة تخطيطا وتنفيذا.
على المعارضة ومن معها الاختيار وتحمل المسئولية والنتائج المترتبة. وعلى السلطة أن لا تخون الشرعية الشعبية والدستورية أو تفرط بثقة الجماهير أو تسلم الأغلبية الشعبية إلى أيدي المغامرين الانقلابيين,وإلا فإنها ستكون شريكة في الإثم ومشاركة في الوزر وتتحمل نفس القدر من المسئولية والمساءلة القانونية وأمام الشعب.
ونرجو من الأشقاء الخليجيين أن لا ينسوا صوت وإرادة الأغلبية الشعبية وهم يسعون في وساطتهم بين السلطة والمعارضة,حتى لا يجد اليمنيون أنفسهم مقصيين ومهمشين من قبل المعارضة والسلطة والوسطاء دفعة واحدة.
المعارضة لا تمثل اليمنيين كافة ولا تمثل الأغلبية وإنما تمثل نفسها ومن معها فقط. والسلطة لا تمثل نفسها وإنما تمثل خيار وإرادة وسلطة الجماهير وغالبية اليمنيين الذين صوتوا في انتخابات دستورية شهد لها العالم ولا يمكن السماح بتجاوز هذه الشرعية والأغلبية أو الانقلاب عليها تحت ضغط العنف وابتزاز قوة الفوضى والتحريض والتعنت.
نثق بالأشقاء الخليجيين وبنواياهم الطيبة,ولكن يجب أن نطمئن إلى أن صوت الشعب وإرادته حاضرة في وعي الوسطاء وحساباتهم لان القضية ليست بين السلطة والمعارضة فقط,وإنما هي قضية أغلبية وأقلية ويمكن الاحتكام إلى الاستفتاء العادل والنزيه للتأكد من حقيقة المعطيات والأرقام, وسيكون هذا هو الحل الأخير والعادل في نهاية المطاف إذا كان لا بد مما ليس منه بد كما يقال. والله من ورائهم محيط…